Poster un commentaire

Abdelkader Jedidi: Ennahda doit sa sortie indemne du pouvoir à la Grâce divine


سياسة

على حركة النهضة أن تفهم أن خروجها سلميا من الحكم انّما هو لطف إلاهي
الإثنين 30 ديسمبر2013
عبد القادر الجديدي أحد أبرز قادة الجماعة الإسلامية في السبعينات والاتجاه الاسلامي في الثمانينات يكتب لـ«المغرب»

على حركة النهضة أن تفهم أن خروجها سلميا من الحكم انّما هو لطف إلاهي
الإثنين 30 ديسمبر2013
عبد القادر الجديدي أحد أبرز قادة الجماعة الإسلامية في السبعينات والاتجاه الاسلامي في الثمانينات يكتب لـ«المغرب
عبد القادر الجديدي، لمن لا يعرفه، هو أحد أبرز قادة ما كان يسمى بالجماعة الإسلامية في السبعينات ثم حركة الاتجاه الإسلامي في الثمانينات وهو ينتمي إلى الجيل المؤسس وكانت تربطه بزعيم الحركة راشد الغنوشي علاقات شخصية وفكرية وتنظيمية قوية جدا…
عبد القادر الجديدي حوكم في سنة 1981 وكذلك في سنة 1987. ولكن الرجل شهد تطورا فكريا وسياسيا لافتا وكان في أواخر الثمانينات من أبرز المنادين بالابتعاد عن العنف وكل شبهة تؤدي إليه كما سعى إلى إحداث انفتاح فعلي فكري وسياسي في التنظيم إلا أنه عندما اعتقد أن هذا الإصلاح أضحى مستحيلا ابتعد عن الأضواء وسعى جاهدا لتخفيف المحن التي ألمت بإخوانه جرّاء تسرّع بعض القيادات ودخولها في مواجهة غير محسوبة العواقب مع نظام بن علي..
بعد صمت علني دام أكثر من العقدين يتوجه عبد القادر الجديدي إلى إخوانه بألا يعيدوا الخطأ مرة ثانية فيدخلون بذلك في مصادمة مع مجتمعهم وقواه الحيّة وكذلك أن يُقرّوا بالفضل لأهله عندما ساهم بعض من كان في النظام السابق وخاصة في الجهاز الأمني في إنقاذ شباب الحركة من محرقة أكيدة…
شهادة من الطراز الرفيع نقدمها اليوم لقراء «المغرب»
إن يوم السبت 14 ديسمبر 2013 كان يوما فارقا في تاريخنا الوطني المعاصر إذا تجاوزنا النظرة السياسية الحينية واتبعنا الوفاق النسبي الذي حصل بوفاق أشمل وأعطينا الحدث مصاديقه وشموليته المتمثلة في مضمون خارطة الطريق القائم على رعايته الرباعي الوطني.
اتجاه وطني واتجاه عدمي
لو دققنا النظر لوجدنا أن هناك طرفا دائما في دائرة الإشكال الوطني الحضاري العام منذ سنة 1981 وفي شهر جوان بالذات حينما تحوّلت الجماعة الإسلامية السرية إلى اتجاه إسلامي سياسي شبه علني.
منذ ذلك التاريخ أصبح هناك اتجاهان في التعامل مع هذه الظاهرة: اتجاه وطني يريد استيعابها وترشيدها، واتجاه عدمي يريد التخلص منها بأية وسيلة ولو على حساب استقرار الوطن.
في ذلك اليوم الذي كان كألف يوم 14 ديسمبر 2013 نجح الاتجاه الوطني في تعامله مع الإسلام السياسي حينما توصّل إلى بداية حل الإشكال الذي وضعت فيه البلاد إثر وصول الاتجاه الإسلامي إلى الحكم عن طريق الانتخاب.
غير أن تعدد العوائق أنتج أزمات متعددة ومتنوعة وعميقة على المستوى السياسي والاقتصادي والثقافي والديني والاجتماعي حتى كاد الوطن أن ينقسم إلى قسمين مما استوجب حلا إنقاذيا ولقد حاول الطرف المعني الأول عدم الاعتراف بخطورة الأزمة المأزق غير أنه في الأخير سلّم بها وشارك مع جميع الفرقاء في الحل.
ولقد كان البعض ممن ضمرت فيه الروح الوطنية وغمرته الروح الإيديولوجية لا يرى الحل إلا في الفتنة المقيتة والتخلص من المخالف بالقوة أي بالعنف الذي سيقابله بالتأكيد رد فعل عنيف كما حدث في الجزائر في التسعينات، أو في مصر حاليا أو في سوريا في الثمانينات وفي العراق أيضا. في تلك الأوطان كان حسم الصراع دمويا ولم يشمل أصحابه المباشرين فحسب بل الوطن كله تكريسا للاستبداد والتخلّف.
إن يوم السبت 14 ديسمبر 2013 بيّن للعالم وللتونسيين أن لتونس حكمتها الخاصة في معالجة ظاهرة الإسلام السياسي، فكأن الاتجاه الوطني الحداثي يستبطن المراهنة على ترشيد أغلبية عناصر ظاهرة الإسلام السياسي المطعمة بجرعة الحداثة في الثقافة التونسية رغم غلبة التأثير المشرقي المتمثل في المدرسة الإخوانية الواضحة الهدف: الدولة الإسلامية والواضحة المضمون: «الشريعة» وهي مدرسة إن كان لها مبرر الوجود في الثلث الأول من القرن 20 فلم يعد لها مبرر وجود في الثلث الأول من القرن 21 فقد نشأت مدارس أخرى في التعامل مع الإسلام أكثر انسجاما مع تطور الفكر الإنساني.
فتنة التسعينات
ليعلم الذين آلت إليهم وراثة مسيرة تنظيم الحركة الإسلامية بتونس والمتمثل في الغالب منه وهو حزب حركة النهضة أنه ليست هذه المرة الأولى التي تشكل فيه ظاهرة الإسلام السياسي إشكالا وطنيا بل هذه المرة الثالثة على الأقل.
في أوائل التسعينات من القرن المنصرم حينما كانت الحركة في «معارضة» السلطة ومثلت آنذاك إشكالا وطنيا كاد يؤدي بالبلاد إلى فتنة عاصفة بقرارها التصعيد ضد السلطة وهي أي الحركة تعلم أنها غير قادرة على إسقاطها، كما هو الشأن الآن في توليها الحكم وهي أعلم من غيرها بصعوبة المرحلة ومعوّقاتها وطنيا وإقليميا ودوليا. علاوة على المعوقات الذاتية الأساسية في صميم الحركة. يكفي أن نشير إلى عنصر واحد ولكنه سبب جوهري في المعوقات الذاتية ألا وهي قياداتها. فكيف يمكن لقيادات لم تفلح في تسيير حركة وتجنيبها الهزات القاتلة أن تسيّر دولة في مرحلة محرجة جدا.
ففي أوائل التسعينات سنوات التصعيد كان هناك كاليوم اتجاه وطني في السلطة في مواجهة تصعيد الحركة مقابل اتجاه عدمي يريد نسفها بالكامل كأن أبناء الحركة ليسوا من هذا الوطن.
إن هذه الرؤية ستكون صادمة للكثير ولكنها ستكون محرّكة لسواكن الكثير ممن شملتهم إيجابيات الاتجاه الوطني سنوات التصعيد. إن السلطة آنذاك تعلم الكثير عن الحركة أكثر مما تعلم الحركة عن نفسها ولم تتصرّف حسب حجم المعلومات بفضل الاتجاه الوطني.
فمن كان موضوعيا مع نفسه من أبناء الإسلام السياسي خاصة حزب النهضة لا يسعه إلا أن يتوجه بالشكر للرباعي الراعي للحوار الوطني الماسك على الجمر حتى وصل إلى بداية برّ الأمان وراعى الوطنية في أبناء الحزب الإسلامي رغم ما لحق مكوناته أي الرباعي من أذى لفظي ومادي فكظم الغيظ ونظر فيهم للوطن.
إنني لا أبالغ حينما أرى أن بعض الرجال الذين يريد بعض من عناصر الحركة الإسلامية الإساءة إليهم أن تتوجه إليهم وإلى كل وطني بالتقدير والاحترام وأذكر على سبيل المثال السيد محمد الناصر (مسؤول عن الاستعلامات في التسعينات) الذي مثل آنذاك وبعض من زملائه ومنظوريه بوزارة الداخلية في التسعينات رمز التوجه الوطني في السلطة في معالجة تصعيد الحركة آنذاك. إذ لم تكن لهم تلك النظرة العدمية كما يتصور الكثير من أبناء الحركة بل كانت نظرته بأن أبناء الحركة هم قبل كل شيء أبناء تونس ولا يجب مؤاخذة الجميع بخطإ بعض القيادات المتمكنة داخل تنظيم الحركة. ولا بد من إعطاء الفرصة لترشيد الحركة او بعض عناصرها.
لقد عمل هذا المسؤول الأمني الوطني وأنا أعي ما أقول ما في وسعه مع غيره على أن تمكّن الحركة من منبر إعلامي «الفجر» ومن غض الطرف على دور النشر الإسلامية المتعددة آنذاك والتي لم تكن مشكلتها في تلك المرحلة مع الدوائر الأمنية بل كانت مع مسؤول معروف في وزارة الثقافة.
قطعة سلاح وحادثة باب سويقة
وأثناء تصعيد الحركة لافتكاك السلطة في 90 /91 من القرن الفارط لا يجب أن ننسى الأمس حتى لا ننسى ما قدّمه الاتجاه الوطني اليوم في المجتمع المدني ومازال يقدمه في حل الإشكال المتعلق بكيفية التعامل مع الإسلام السياسي. لا ننسى حدثين خطيرين كادا يقضيان على الحركة قضاء مبرما لا نجد بعده ولو عنصرا قياديا واحدا يعوّل عليه في هذه المرحلة من التحوّل الديمقراطي لولا منهج التحييد الذي تبناه الاتجاه الوطني آنذاك في الدوائر الأمنية خاصة. وأبرز عناصره السيد محمد الناصر حتى أصبح ملاما من بعض زملائه وطمع بعض قيادات الحركة في استمالته.
أما الحدث الاول الداخلي الذي لا يعلمه إلا القليل فيتمثل في حيازة الحركة لقطعة سلاح افتكت من بعض الأمنيين.
لقد كان التمسك بقطعة السلاح ذريعة لمن يريد أن يتخلص من الحركة نهائيا فما الذي يجعلها تتمسّك بتلك القطعة غير استعمالها. هنا قدّر السيد محمد الناصر حجم الكارثة الذي سيقع فأقنع المعنيين بالأمر في السلطة بأن المهم استرجاع «القطعة» بالتي هي أحسن فأعطي فرصة كللت بالنجاح وأرجعت قطعة السلاح وتجنبت البلاد والحركة فتنة هوجاء.
أما الحدث الثاني المعلوم لعامة الناس فهو حادثة باب سويقة لأنه لا أحد كان يتصور حجم الكارثة التي كانت ستحلّ بالبلاد خاصة إثر خطاب الوزير الأول بأنه لا فرق بين معتدل ومتطرّف في هذه الحركة، لقد تحفّز آنذاك التجمعيون للانتقام بل وهمّوا بفعل ذلك وكادت البلاد أن تدخل في حرب أهلية لولا تغلب الروح الوطنية. فتدخل مرة أخرى السيد محمد الناصر ولعب دورا وطنيا وذكيا في تجنيب الحركة من الاستئصال الكامل وتجنيب البلاد من وضع يشبه ما آلت إليه الجزائر آنذاك.
لقد كانت تلك الحادثة الكارثة ذريعة أخرى بل أقوى من الأولى لا للعدميين في السلطة فقط والذين يسرهم كالبعض اليوم أن تخطئ الحركة بل ذريعة للتجمعيين أيضا للتصفية الجسدية لعناصر الحركة، فكانت فكرة إعلان ثلاث قيادات في الحركة منسوبة إلى الاعتدال إصدار بيان استنكار مشترك مثل متنفسا للحركة وجنّب البلاد الفتنة ثم لحق البيان انسلاخات عددية من الحركة عبّر أصحابها عن استنكارهم للحادثة.
لا تسيؤوا إلى من أحسن إليكم
إن ما يحدث اليوم من بداية انفراج تمثّل في التوافق النسبي على رئيس حكومة جديد لا يجب أن يهوّن أحد من أهميته الوطنية خاصة من أبناء الإسلام السياسي فقد جنّب البلاد المجهول والصدام العنيف كما جنبها الاتجاه الوطني في السابق. كما لا يصح أن نشجع الإساءة بصور ملتوية إلى من أحسن كالتشجيع على التعددية النقابية في الوقت الحاضر أو فتح ملفات الطاقة في إحدى برامج قناة تلفزية «الزيتونة» فتلك إساءة بالغة لمن دفع للاتفاق على رئيس الحكومة من داخل الحزب الحاكم نفسه وإساءة لرموز الاتجاه الوطني في المجتمع المدني كالخطإ القديم في الإساءة إلى الثلاثي الممضي على بيان استنكار حادثة باب سويقة من داخل الحركة وإلى أصحاب الاتجاه الوطني من داخل السلطة آنذاك والتحريض على شيطنتهم والإيحاء بتقديم قضايا تعذيب في أشخاص معينين كشخص السيد محمد الناصر.
الخطر كل الخطر أن لا تعي الحركة بأن الحل السلمي التوافقي في الخروج الآن من الحكم هو خروج بأهون الأضرار وبلطف إلاهي شمل الوطن جميعا.
إن المجال لا يسع أن أذكر ما قدّمه السيد محمد الناصر وبعض زملائه ومنظوريه لكثير من عناصر الحركة منهم وزراء ونوّاب ومستقلين ولكن عليهم أن لا يكابروا ويصدعوا بالحقيقة ويساهموا في الدعوة إلى حل عن طريق وحدة وطنية بلا انتقام. وقد كان ما قدّمه إليهم من منظور وطني وإنساني وأوّلهم أنا إن طلب مني شهادة حق في الغرض.
الخلاصات والعبر
أخلص فأقول:
1 – إن الذي حدث سبت يوم 14 /12 /2013 من توافق أدنى هو انتصار للوطن وللعقل الجمعي للوطن جنّب البلاد والعباد المصير المصري اليوم كما جنّب الاتجاه الوطني في التسعينات الوطن المصير الجزائري، وإن سرعة تشكيل الحزب الإسلامي في السنوات الثلاث الفارطة ومردّه لو أمعنا النظر غلبة الاتجاه الوطني في السلطة في التسعينات رغم عدم إدراكها له وبالتالي التشويش عليه وخذلانه. كما أن مستقبل الإسلام السياسي اليوم مرتبط بإيجابية التعامل مع الاتجاه الوطني وعدم خذلانه حتى لا يخرج نفسه من الساحة خروجا حضاريا. فبالأمس السلطة واليوم المجتمع المدني في المقابل.
2 – لنكن واضحين وصادقين أيها القائمون على حظوظ الحزب الإسلامي بأن أطرافا من القيادات المتنفذة داخل الجهاز التنظيمي للحركة هي التي أوصلت الحركة إلى طريق مسدود بالأمس واليوم وليست الأطراف المقابلة. ولولا اللطف الإلاهي الذي سخّر العقلاء من كل الأطراف لتعرّض الوطن إلى فتنة هوجاء سواء عند احتجاز قطعة السلاح أو حادثة باب سويقة في التسعينات، أو إثر استشهاد الشهيدين بلعيد والبراهمي رحمهما الله في سلطة الإسلام السياسي اليوم.
3 – إن ما طبع القرارات المصيرية في الحركة طيلة مسيرتها السياسية هو التسرّع فحرمت نفسها من التطور النوعي وبقي شغلها المحوري تنظيميا بالأساس. فمحاولة الانقلاب في 1987 أي استعمال المجال العسكري والأمني بدل المجال المدني كان من ورائه التسرّع لبلوغ السلطة. كذلك قرار التصعيد في 90 /91 من ورائه التسرع لافتكاك السلطة. كذلك الآن محاولة تطويع الدولة للحزب الإسلامي وإثارة مواضيع تراثية كالشريعة والأوقاف وجلب دعاة من الشرق واستفزاز المخالف بنعوت تحقيرية هو تسرع قصد التمكين الكامل.
4 – إن المرجعية الفكرية القديمة منها أي ما قبل سقوط «الخلافة» ومرجعية ردود الفعل على صدمة سقوط «الخلافة» لم تعد تملك مبررات الاستمرار، فالمطلوب الالتفاف بجدية وقوة إلى مرجعيات أخرى من التعامل مع الإسلام من محمد إقبال إلى محمد أركون مرورا بالطالبي وشحرور والنيفر وأبو القاسم حاج حمد وغيرهم.
هذه وجهة نظر لعلها تحرك بعض السواكن في المنتسبين للتيار الإسلامي السياسي حتى يدققوا النظر في أسباب المطبات التي مرت بها الحركة سواء وهي في مواجهة السلطة أو وهي في مواجهة المجتمع المدني وإعطاء الاتجاه الوطني الذي جنّب البلاد المصير الدموي سواء في التسعينات من القرن المنصرم أو في هذه المرحلة من التحول الحضاري الذي مازال مشهدها النهائي لم يشكل بعد إعطاءه ما يليق من الاحترام والتقدير وجدية التثاقف معه.
إن وضع الإسلام السياسي في مسار أمتنا العربية هو وضع مؤقت فإما أن يتقدّم إلى مرحلة اتجاه وطني إنساني وإلا سيتقهقر إلى اتجاه تراثي.
عبد القادر الجديدي
—————-

http://www.lemaghreb.tn/%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9/3800-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%AD%D8%B1%D9%83%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%87%D8%B6%D8%A9-%D8%A3%D9%86-%D8%AA%D9%81%D9%87%D9%85-%D8%A3%D9%86-%D8%AE%D8%B1%D9%88%D8%AC%D9%87%D8%A7-%D8%B3%D9%84%D9%85%D9%8A%D8%A7-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%85-%D8%A7%D9%86%D9%91%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%88-%D9%84%D8%B7%D9%81-%D8%A5%D9%84%D8%A7%D9%87%D9%8A/

Laisser un commentaire