حوار اليوم
17/02/2016 08:19
أحمد المنّاعي (رئيس المعهد التونسي للعلاقات الدوليّة
لـ«التونسية»:حكّام ما بعد الثّورة أعادوا «الحماية»
تونس بلد مدلّل من الدول
الكبرى
الإرهــــاب آخر أشكــال الاستعمـــــــار
وراء كـــــل حقّ واجــــب
سلطات بلادنا تعاملت مع ملفّ الأموال المنهوبة بخفّة
حوار: أسماء وهاجر
ماذا تحقّق بعد النضال من أجل الحريات؟ هل نالت الثورة من دولة الفساد التي كشفت عن قبحها أم أن زواج مافيات الفساد والتهريب يتواصل في وضح النهار وأمام أعين الثورجيين؟ ماذا فعلت النخبة السياسية بالبلاد؟ أيّة حظوظ لـ«النداء» بعد تشكل كتلة الحرة؟ ماذا جنى التحالف على كل من «النهضة» و«النداء»؟ ماذا تغيّر في عقيدة «النهضة» وهل تطوّرت حقّا وفصلت بين الدعوي والسياسي؟ أين وصلت حرب تحييد المساجد؟ كانت هذه بعض الإشكالات التي طرحتها «التونسية» في حوارها مع أحمد المناعي رئيس المعهد التونسي للعلاقات الدولية وصاحب العديد من المؤلفات الذي أكد أن النخبة السياسية اليوم تعاني من ضياع في بوصلتها وجروح غائرة في الهوية وأنها لم تفعل سوى إعادة نصب الحماية الأجنبية «بلا جندي أوجندرميّ» على حدّ تعبيره
…………………………..
كنتم «تحاربون» من أجل الحرية.. اليوم تقاعد عديد المناضلين إجباريا بعد رحيل بن علي. ما هي وجهة نظر أحمد المناعي في النضال؟
ـ لم أكن أحارب بل أناضل فقط سلميا وبالوسائل المتاحة لشخص غير منخرط في حزب سياسي وبدون اي غطاء من أي نوع. أما تقاعد عديد المناضلين إجباريا فهذا مجانب للحقيقة.فأكثر من عرفتهم في العقدين الأخيرين لازالوا يناضلون في الأحزاب التي أسسوها أوانخرطوا فيها لاحقا وفيهم من تولى المسؤوليات الأولى في الدولة.أما عن وجهتي الحالية في النضال فهي وجهتي الأولى منذ كنت طفلا اي نضالي من أجل السيادة الوطنية واستقلال القرار التونسي والتصدي لكل المحاولات للهيمنة الأجنبية على وطني.كنت طفلا في العاشرة عندما شاركت في مظاهرة يوم اغتيال فرحات حشاد وقد كان ذلك مأساة شخصية لأني أعرف حشاد وهوالذي حولني من الكتّاب إلى المدرسة سنة 1948. وفي سنة 1953 اقتيد كل تلاميذ قسمي إلى مركز الجندرمة للتحقيق في قضية قطع بعض الأعمدة الكهربائية وكتابة الشعارات.. ثم في سنة 1954 تحصلت على بطاقة انخراطي الأولى في الحزب الحر الدستوري ومن عاش تلك الفترة يعرف أنها لم تكن تُعطى لأيّ كان وخاصة لمن هوفي عمري وحتى لا أطيل أذكر فقط أنّني تطوعت في معركة بنزرت في جويلية 1961 وهي لم تكن نزهة.. هذا النضال من أجل استقلال السيادة الوطنية عدت إليه مع نهاية 2002 عندما ظهر واضحا أن الحرب على العراق وشيكة.
نعم للنضال من أجل الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان عندما تنتهك من قبل نظام مستبد لكن عندما يكون الوطن كله مهددا بالاستعمار الجديد فالنضال الأول يكون من اجل الوطن
يقول الطاهر لبيب إن «المبدأ هوانه لا وجود لقوة خارجية تساند ثورة لا تخدم مصالحها» وأنّ ما يقال حولها هومجرد بلاغة ديبلوماسية. ما رأيكم في ذلك؟
ـ ما قاله الطاهر لبيب صحيح بخصوص الثّورات الحقيقية التي تسعى في ما تسعى إليه إلى وضع حد للامتيازات الطبقية والفئوية في المجتمع وتستهدف المصالح غير المشروعة للدول المهيمنة. مثل هذه الثورات لا تجد دعما من قبل الدول الكبرى كما قال الطاهر لبيب. بل على العكس تماما هي تلاقي الصدّ وفي بعض الأحيان تتعرض للمقاطعة وأحيانا تحارب. تذكروا ما حدث في ايران عندما أمّم مصدّق البترول وفي مصر عندما أمّم جمال عبد الناصر شركة قناة السويس وما حدث في كوبا عندما انتصرت الثورة وفي ايران ثانية عند انتصار الثورة الإسلامية. وعلى العكس من ذلك فان ما حدث في تونس ولا أسمّيه ثورة لاقى كل الدعم والمساندة من الدول الكبرى ومن المؤسسات المالية العالمية وحسب المسؤولين في الاتحاد الأوروبي تتصدر تونس قائمة البلدان المنتفعة بالمساعدات والمنح والقروض الأوروبية وكذلك الأمر مع المؤسسات المالية العالمية. خلاصة القول إن تونس بلد مدلل من الدول الكبرى لأن ما حدث فيها يخدم مصالح هذه الدول
.
كعليم بكواليس السياسة لماذا تواصل الدول الغربية الداعمة للثورات الاحتفاظ بأموال البلاد التي هرّبها بعض رموز النظام السابق؟
ـ لابدّ من التنبيه إلى أن ملف الأموال المنهوبة تونسية كانت أوغيرها هومن أعقد الملفات في العلاقات الدولية فهويثير إشكالات قانونية كثيرة على غاية من الصعوبة وأحيانا يستحيل تفكيكها خاصة في بلدان الملاذ حيث تضمن سرية المعاملات البنكية بالقانون وقد استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية وهي القوّة الكبرى في العالم أن تفرض على سويسرا رفع السرية عن حسابات المواطنين والشركات الأمريكية المتهربة من الضرائب. ماذا لتونس أن تفعل؟ الحقيقة أن السلطات المالية والقضائية التونسية تعاملت مع هذا الملف بكثير من الخفة وبعفوية. منظمات المجتمع المدني قالت: ها نحن عملنا ثورة وأسقطنا مستبدا وانخرطنا في مسار ديمقراطي ويجب أن تكشفوا على حسابات الناهبين وتردّوا لنا أموالهم ومع شيء من الشوشرة الإعلامية ولوائح التنديد والاعتصامات أمام السفارات تصورنا أن الأمر سيفض في بضعة أشهر أوعلى الأكثر في سنوات قليلة.. لم نتصوّر أن الأمر يحتاج إلى عمل دؤوب وتفرغ كامل لفرق من الخبراء في المعاملات المالية والبنكية وفي القانون الدولي والقوانين الوطنية لكل بلد نتصور أنّ به أموالا تونسيّة مهرّبة.. لم نتّعظ بدروس وتجارب أخرى في العالم ولم نتساءل مثلا إذا كانت الفلبين قد استرجعت أموال ماركوس وإن كانت هايتي قد استرجعت الأموال التي نهبها دوفاليي وماذا عن أموال شاه ايران بعد أربعة عقود؟ لا شيء. ثمة مثل كان بإمكاننا أن نتعظ به وهومثل وزير جزائري لا حاجة لذكره أودع الميزانية الاحتياطية لجبهة التحرير في احد البنوك السويسرية غداة الاستقلال وظلت الجزائر تطالب بها بلا جدوى ثم حاكمت هذا الوزير وأصدرت ضده أحكاما دون جدوى وانتهت الجزائر إلى التفاوض معه وهكذا استرجعت جزءا من المبلغ. حاليا هناك 3 شركات أمريكية كبرى من بينها «غوقل» تملك ألفي مليار دولار خارج الولايات المتحدة وهي تتفاوض مع الإدارة الأمريكية حول تخفيف العقوبات عليها كي يتسنى لها إدخال هذه الأموال. كلمة أخيرة حول هذا الموضوع يبدوأن عمليات تهريب الأموال إلى الخارج في السنوات الأخيرة قد تجاوزت كل المستويات المعروفة والأولى بالسلطات القضائية والسياسية والمالية أن تعمل على إيقاف ذلك وأن تتفاوض مع الناهبين في النظام السابق لاسترجاع بعض ما نهبوا
أحد المحللين السياسيين اعتبر أن الإرهاب هو ذروة استهداف مسار التحرّر وأنّه بلغ أوجه مع الثّورات لتدمير العالم العربي وثرواته وأنّه شكل جديد من الاستعمار؟
ـ ظاهرة الاستعمار الأوروبي عرفت ثلاث محطات كبرى عبر التاريخ.بدأت الأولى مع نهاية القرن الخامس عشر مع الرحلات الأولى لاكتشاف طريق التوابل وتم اكتشاف القارة الأمريكية وتقاسمتها الإمبراطوريات الأوروبية الكبرى بريطانيا والبرتغال وفرنسا واسبانيا وتم ذلك لتصفية الشعوب الأصلية تصفية عرقيّة (الهنود الحمر) وقد نجا العالم العربي والإسلامي من هذه الحملة الأولى لأنه كان ضمن الإمبراطورية العثمانية التي كانت قوة كبرى في ذلك الوقت ولكن ما إن دبّ الضعف في هذه الإمبراطورية حتى انقضّ المستعمرون على بعض أجزائها فكانت حملة نابليون على مصر والحملة الفرنسية على الجزائر وكانت هذه الحرب مكلفة جدا للجزائريين وأيضا للغزاة. لهذا فكر منظروا الاستعمار في شكل آخر من الاحتلال يكون أقل خسائر في العتاد والعباد فكانت المرحلة الثانية من الاستعمار في شكل حماية وهوالذي طبق في تونس والمغرب.المرحلة الثالثة من الاستعمار هي التي تلت نشأة «عُصبة الأمم» فقد أعطت هذه المنظمة حق الوصاية لبعض الدول على بعض الشعوب فكانت الوصاية الفرنسية على الشام الذي قسّم إلى سوريا ولبنان والوصاية البريطانية على العراق وفلسطين وشرق الأردن وهذا استعمار بشرعية دولية سمحت لبريطانيا بالتنازل عن فلسطين لليهود. نحن الآن في المرحلة الرابعة من الاستعمار وهي المرحلة الأكثر شيطنة وخبثا عن طريق الهيمنة على بلد ما والتحكم في موارده وفي حاضره ومستقبله دون أن تضحي بجندي أوتدفع مليما وتفتعل الدولة الاستعمارية صراعا داخليا يفكك المجتمع ويدمر الدولة الوطنية ……الخ….الخ :البشرية عرفت في تاريخها الطويل ظاهرتين مدمرتين: العبودية والاستعمار وإن كانت الأولى قد تراجعت نسبيا فإن الثانية لا تزال تدمر وتخرّب وتنهب
من يصنع السياسة في تونس ؟هناك من اعتبر أن السياسة في تونس تصنعها أوهام السياسيين وأنها أساسا سياسة تطبخ في السفارات
الأجنبية؟
هناك كتاب لأنا أرندت عنوانه «ما هي السياسة؟ لو قرأه السياسيّون لانسحب كثير منهم من كل عمل سياسي لأنهم سيكتشفون أنهم يعيشون على الأوهام
في الفيزياء هناك ما يسمى بالحركة البراونية وهي الحركة الفوضوية للجسيمات المترسبة في سائل ما في إناء ما وما
إن يسخن السائل حتّى تبدأ الجسيمات في التحرك في كل الاتجاهات وإذا ما ارتفعت حرارة السائل تتصارع حركةالجسيمات ويجن جنونها وهي إلى حد ما حالة السياسيين .السياسة هي قبل أن تكون حركة وتجاذبا وتنافسا وصراعا هي فكر وتصورات واستشراف وبرامج ومشاريع في خدمة المجتمع. هذه السياسة وما ينتج عنها من برامج ومشاريع لا تطبخ عندنا وإنما في مراكز البحوث والدراسات الأجنبية وتتولى الجهات المختصة تسويقها لنا ونتولى نحن تطبيقها.أعتقد أنه كان للتونسيين نصيب من السياسة في مرحلتي التحرير وبناء الدولة ثم تضاءل بعد ذلك حتى انتفى نهائيا في السنوات الأخيرة. تصور أن كل الانتخابات التي تمت إلى حد الآن لم تستند إلى برامج وإنما إلى شعارات تكاد تكون موحدة بالنسبة لكل المتنافسين وأن هؤلاء جميعا أوفي اغلبهم منخرطون عن وعي أولا وعي في مشروع واحد يعيشون على الأوهام جاءنا من وراء البحار
.
هناك من يقول إن الفاعلين السياسيين في تونس يعانون من جروح الهوية وغياب البوصلة ولا يستبعد أن يستفيقوا على14جانفي جديد.. ما تعليقكم على ذلك وكيف تقرؤون مسار السياسيّين في تونس منذ خمس سنوات؟
ـ جروح الهوية غائرة عند الفاعليين السياسيين وضياع بوصلتهم واضح للعيان ويطول شرح ذلك. أما بخصوص احتمال استفاقتهم على 14 جانفي جديد فلا أعتقد أنهم يجهلون ذلك ولوتجنبوا خطاب الثورجية وانتهجوا سبيل الصدق في التعامل مع مواطنيهم ومع الأحداث لكانت النتائج أفضل بكثير.
أما عن مسارات السياسيين فمن الصعب الحكم عليها خاصة أن الكثير منهم مازال يكمل المسيرة واعتقد انه من المهم للسياسي أن يصل للحكم أويشارك فيه ولكن الأهم هوما يقدمه لوطنه ولشعبه. سيذكر بورقيبة على الدوام انه قاد حركة تحريرية أوصلت البلاد إلى الاستقلال وبنى مؤسسات دولة أما الذين تولوا أمور الحكم بعده فسيذكرون بأنهم أعادوا الحماية الأجنبية بلا جندي أوجندرمي ولكنها حماية مع ذلك
لماذا في اعتقادكم يتمّ اتّهام لوبيات المال الفاسد وشبكات التهريب في حين أن الحكومات المتعاقبة تعجز عن التصدي لهم؟ هل ذلك أحد عناوين غياب أو انهيار الدولة؟
في مارس 1997 كتبت مقالا في توصيف النظام آنذاك وذكرت انه نظام يستند إلى المافيا وشبهته بنظام «باتيستا».و نرياق ». كان هناك تعتيم كامل على ما يحاك و يدبر وراء الحجب ونتذكر ما حدث بعد ان رفع الستار عن اسرار النظام و ظهرت دولة الفساد بكل قبحها.
حاليا كل شيء يتم في واضحة النهار و لا يكاد يخفى شيء من علاقات المال الفاسد و شبكات التهريب و الارهاب مع أصحاب السياسة و القرار.
بداية ليس للمال رائحة وفساده هو في كونه يأتي من مصادر مشبوهة من الداخل و الخارج و يصرف في سرية كاملة و لا يظهر في حسابات الحزب او رجل السياسة بعيد عن كل مراقبة و في خرق كامل للقانون .
هناك تداخل بين مصالح الطرفين فالسياسي يحتاج الى المال لحملاته الانتخابية و نفقات آلته الحزبية و يجده لدى الرأس المالي الفاسد المتهرب من الضرائب و كذلك لدى هذه الدولة
او تلك في الخارج
من الغباوة ان نتصور ان حملات انتخابية تشريعية او رئاسية كالتي تمت في سنة 2014 قد اقتصرت على المال العام و هيبات الانصار. للحملات الانتخابية للحزبين الاولين و للمرشحين الاخيرين للرئاسية كانت في الحقيقة نزال بين المال القطري و التركي من جهة و المال الاماراتي من جهة اخرى اما الدعم الداخلي للحزبين فهو من اصحاب المال المشبوه الذين يرجون الحماية للاستمرار في نشاطهم
ثمة مصدر آخر كشف عنه تقرير اولي لبعثة الامم المتحدة في تونس في شهر ديسمبر الماضي و هو المتمثل في الأموال المتأتية من إرسال المرتزقة التونسيين الى سوريا في هذه الحالة و في ظل اشتراك الحزبين الأكبرين في الحكم لا يمكن ان ننتظر من الدولة التصدي للفساد و المفسدين ولعل تآلفه هو الذي زاد في مستويات الفساد و الرشوة
من يعطّل عمل هيئة مقاومة الفساد ولجنة المصادرة؟
Bonjour,
Je n’arrive pas à lire l’article, à part le titre c’est blank.
Merci et bonne journée.
Date: Wed, 17 Feb 2016 17:18:29 +0000
To: rafla81@hotmail.com
Merci de votre intérêt, l’article sera traduit en Français dans les prochains jours
ne vous inquiétez pas Candide, même en France le texte se lit, avec les chiffres en gras et plus gros, les questions en rouge etc… Mais bien sûr que j’attends moi aussi le traduction en français 😦