
البيان الشيوعي الاسلامي القومي الليبرالي التحريري الثوري لتونس « السعيدة »
==============================
رضا شهاب المكي
19 octobre 2011, 21:53
هذا نداؤكم الجديد، نداء العصر الحديث ولقد اخترتموه بأنفسكم ورفعتموه في ألف مدينة ومدينة يوم الخامس عشر من شهر أكتوبر 2011.
ولقد جبتم به العواصم و المدن الأمريكية و الأوروبية والكندية والأسترالية وأعلنتم وبكل وضوح وعزم أن ساعة نهاية الرأسمالية المتوحشة قد حلت.
إنكم، يا شعوب العالم تدركون ولا حاجة لمن يعلمكم أن عالم اليوم و منظومته الليبرالية يحكمها أباطرة المال تسندهم في جرائمهم طبقة من السياسيين والإعلاميين الفاسدين والمرتبطين بمصالح أسيادهم.
يا شعوب العالم » انهضوا » لأنكم الوحيدين القادرين على إحداث التغيير الجذري في الحكم والمجتمع وأنتم تعلمون علم اليقين أن الطبقة السياسية التي تحكمكم الآن أثبتت عجزها التام على تحقيق إصلاحات مفيدة بل وجدت نفسها تنهار أمام الطغيان المالي العالمي الذي يأمرها بضخ أموال طائلة في حسابات بنوكهم » لحل مشكلة المديونية » وأنتم تعلمون أن الأموال التي تضخ هي من جهدكم وعرقكم ومقدرات بلدانكم. يا لمهزلة التاريخ، الأغنياء يطالبون بأن يزداد غناهم و يطلبون من الدول أن تزيد من فقر شعوبها. !!! أما زال بعد هذه الفضاضة والوقاحة و قلة الحياء مكان للتردد والبحث عن تسويات مع هؤلاء؟. أما زال بعد هذا مكان للتفكير في جدوى الإصلاحات المالية وآثارها على حياتكم اليومية؟ بالتأكيد لا. وأنتم مدركون لهذه الحقيقة و لذلك قررتم أن تنهضوا وتتوحدوا لتغيروا العالم وتغيروا حياتكم وتؤسسوا لمشروع مجتمعي إنساني متضامن.
إنكم تدركون أن ما ذهبتم إليه أمر ضروري وممكن أنتم تدركون أن المنظومات التي تحكمكم أو التي تدور في فلكها ( أحزاب، نقابات، مراكز بحوث، وسائل إعلام…) لم يعد بإمكانها أن تحقق إصلاحات سياسية واجتماعية.
أنتم تدركون سبب هذا العجز لأنكم تعلمون بتجاربكم المتكررة و لمرحلة تلامس اليوم ثلاثمائة سنة أن الطبقة السياسية التي تحكمكم أصبحت الآن في عداد القدامى لأن الليبرالية السياسية الحالية أصبحت ليبرالية محافظة لأنها لما عجزت عن تحقيق الإصلاحات السياسية والاجتماعية راحت تكنس المكاسب التي حققتموها في القرنين الماضيين بجهدكم ونضالكم وتضحياتكم وراحت تحيل المغانم إلى أباطرة المال حتى لا يغضبوا ولا يعرقلوا الاستثمار!!!.
إن ارتهان حكامكم إلى هؤلاء الأباطرة الجدد يمنعهم من تحقيق الإصلاحات و تضعهم في صدارة الاعتراض على كل تغيير جذري للحكم و المجتمع.
» يا شعوب العالم، انهضوا، » إن شعاركم هذا شعار واقعي إنه شعار منسجم مع تعبيرات العصر. فأنتم تدركون أنه ومنذ الثمانينات دخلت الرأسمالية مرحلة جديدة، مرحلة تكنولوجيا الاتصال والمعلومات مرحلة الحواسيب و الساتلات التي اجتاحت كافة مجالات الإنتاج الصناعي و الفلاحي والخدماتي وباعتبارها رقمية في أساسها فإنها تنسجم أيضا مع التداول المالي بالسرعة والدقة الكبيرتين.
و إن كانت هذه التكنولوجيا قادرة على خلق الثروة و مراكمتها فإنها كذلك قادرة على خلق واقع جديد: واقع افتراضي. إذ أن عملية تجارية رقمية قادرة على تحقيق أرباح طائلة في بورصات المال تحدث في نفس الوقت وفي علاقة بنفس العملية التداولية تفقيرا مدمرا في ركن آخر من العالم. وعادة ما يكون متصلا بثروات باطنية.
إن شعاركم الجديد: » يا شعوب العالم، انهضوا، » شعار منطقي لأنكم أدركتم أن الطبقة السياسية الحاكمة في العالم اليوم لا تزال تحلم بالثورة الصناعية وتكنولوجياتها الميكانيكية التي كانت تملك جزءا مهما منها كما تملك القدرة على التأثير في القطاع الخاص لتجره إلى التنازل والتفاوض وتحقيق مكاسب اجتماعية وسياسية. وهي الآن لا تملك إلا الحلم ولا حول ولا قوة لها أمام التحولات الرقمية التي يسيطر عليها أباطرة المال الجدد.
وشعاركم منطقي أيضا لأن في نهوضكم عزم وتصميم على حالة الفراغ التي تتركه الطبقة الليبرالية المحافظة وفي نهوضكم الجماعي تصميم على مقاومة هذا التوحش المالي 99% ضد 1%.
التكنولوجيا الرقمية تراكم المعرفة و تضاعفها في أقل من عشر سنوات، في حين كان ذلك يتطلب عقودا و قرونا لمضاعفة النواحي المعرفية و العلمية. إن هذا التحول الجديد يتطلب رجالا ونساء ( فاعلين جدد) وأنتم الفاعلون الجدد لأنكم وبدعوتكم إلى النهوض الجماعي تحققوا رقما مهما بل أساسيا في معادلة التغيير الجذري للحكم والمجتمع.
وأنتم تدركون أن هذا الرقم المهم الذي تحققونه الآن يحتاج إلى تدبير و تنسيق وبرمجة حتى تحولوا التكنولوجيا الرقمية باعتبارها رمزا لهذا العصر الجديد إلى ثورة تراكم الثروة وتحقق العدل داخل كل مجتمع وفي المجتمعات الإنسانية.
أنتم تدركون أن لهذه الوسائل الجديدة دور كبير في تجمعاتكم وتوحيد شعاراتكم وإعداد برامجكم.
يا شعوب أوروبا وأمريكا وأستراليا وكندا…إن تجربتكم النضالية في مقاومة التوحش الليبرالي تجربة رائدة وطلائعية. فلتكن هذه التجربة سندا حقيقيا لمعاضدة الثورات العربية.
إن شعاركم » يا شعوب العالم، انهضوا، » شعارا تحتاجه الثورات السائرة في البلاد العربية في انتظار بدء المسارات الثورية في آسيا وإفريقيا…
» يا شعوب العالم، انهضوا، « هو نداء أدركتم بفضله أن أباطرة المال دمروا و يدمرون و بدون هوادة كافة طبقات المجتمع و فئاته و حولوها إلى مجموعات استهلاكية لبضائع كيمياوية التركيب بعد أن دمروا اليد العاملة الصناعية و حولوا الفلاحين إلى مهمشين جدد و استحوذوا على عمليات الإنتاج الفلاحي و مواردها الطبيعية ( الأرض، المياه… الغطاء النباتي…) وبعد أن لوثوا المياه و الهواء وهم بذلك يهددونكم في حياتكم و يعدونكم بصناعة الأدوية المناسبة !!!
شعاركم » يا شعوب العالم، انهضوا، » هو شعار تاريخي ينسجم انسجاما كليا مع معطيات التشكل الاجتماعي الجديد. إذ اصطفت كافة الطبقات الشعبية في خندق الفقر و الحاجة و المرض و الجهل و أضحت القوى المالية في قصور ومدن الرفاه تسندهم طبقات سياسية فاسدة و عاجزة و محافظة إلى جانب فئة من البورجوازية الصغيرة التي تدير أرقامهم و مخابرهم وإعلامهم.
أنتم تنهضون ضد هؤلاء مجتمعين ونحن ننتظر منكم أن تكونوا سندا لنا ومانعا لمؤامرات حكامكم على ثوراتنا في البلاد العربية.
نحن نحتاج إلى عمل مشترك، لأن مصيرنا مشترك.
يا شعب تونس، لقد نهضت وكنت أول الثائرين في البلاد العربية ولأن ثورتك اجتماعية في الأصل ولأنك صانعها و مهندسها فقد انتشرت شعاراتها في مختلف عواصم الدنيا.
لكن يا شعب تونس، أنت تدرك أن ثورتك معطلة و أن تعبيرتها السياسية و برنامجها و خطة عملها مفقودة إلى حد الآن. وأنت تدرك أن أحزابا و أفرادا ومنظمات تجر هذه الثورة إلى مستنقع الباب الموصد بحكم ما اختارته من نهج ليبرالي واضح.
يا شعب تونس أنت نهضت وبدأت ثورة تجوب الآن عواصم الدنيا فأنت قادر على أن تحول أزمة المجلس الوطني التأسيسي و عجزه على تحقيق أهدافك إلى حل شعبي جديد و بديل شعبي يتوجه فورا إلى تأسيس مجالسه الشعبية المحلية والجهوية كمؤسسات قادرة على الإجابة على المطالب الملحة والمستعجلة ( المدى القصير) وقادر على التخطيط لبناء المشروع المجتمعي والتنموي الجديد( المدى المتوسط).
فلتكن قوى الشعب، قوى الثورة في موعدها التاريخي بتوحيد جهودها وتنسيق أعمالها واعداد برامجها . لتكن جبهة الثورة جبهة قادرة على جمع القوى و مقاومة التشتيت.
عاشت شعوب العالم و ثوارها.
عاشت الثورات العربية
عاشت ثورة تونس، شرارة ثورات العصر الحديث.
رضا شهاب المكي
قوى تونس الحرة تونس: 16/10/20