د. حياة الحويك عطية
اسئلة 13 نوفمبر
« الحمد لله انني لا اذهب كثيرا الى باريس » تقول طفلة فرنسية من إحدى المقاطعات الطرفية لمراسل القناة الخامسة الفرنسية. باريس الحلم ، ليس لدى أهل الشرق فحسب، بل ولدى كل أوروبي، حتى في الدول الأكثر رقيا . هذا ما يمكن ان يفعله الإرهاب بصورة مكان ما…مدينة ما…حضارة ما
د. حياة الحويك عطية
اسئلة 13 نوفمبر
« الحمد لله انني لا اذهب كثيرا الى باريس » تقول طفلة فرنسية من إحدى المقاطعات الطرفية لمراسل القناة الخامسة الفرنسية. باريس الحلم ، ليس لدى أهل الشرق فحسب، بل ولدى كل أوروبي، حتى في الدول الأكثر رقيا . هذا ما يمكن ان يفعله الإرهاب بصورة مكان ما…مدينة ما…حضارة ما
لم يكن لمثلي الا وان تتالم لمدينة عشت فيها سنوات طويلة من عمري، ولكن ماذا اقول في مدن هي اناي الجريحة؟
من تابع وسائل الاعلام الفرنسية خلال الاسبوع المنصرم لاحظ مستوى الهلع لدى الفرنسيين والاوروبيين عامة، واشفق بالدرجة الاولى على الجالية العربية التي سيجد كل واحد فيها نفسه في موضع المتهم، حتى ولو كان مفكرا مرموقا تستضيفه شاشة التلفزيون في ندوة سويسرية حول امكانية وصول هذا الخطر الى جنيف . كان يتقن الفرنسية افضل من الضيوف الاربعة الاخرين، ويتبنى خطابا معتدلا كل ما يريد ان يقوله بمستوى فكري راق: نحن لسنا كلنا ارهابيين. لم يعط الا مساحة قليلة من الحوار، لكن الكاميرا كانت تركز على سحنته السمراء وشعره الاجعد ويمناه التي تلعب طوال الوقت بدبلة اصبع اليسرى في دلالة سيميولوجية على التوتر. لا يجرؤ هذا الرجل على القول : هل كنت تتوقعون من اللعب بالنار الا يحرق الاصابع؟
هل يذكر رئيس الوزراء مانويل فالس قوله لوسائل الاعلام، قبل عامين : لا استطيع ان امنع شابا قرر ان يذهب لقتال الديكتاتورية » ؟ لقد عاد هذا الشاب ليضرب دولة ديمقراطية. لكن رئيس الوزراء الشاب لم يتحدث في حواره مع التلفزيون الفرنسي امس الا عن تعزيز الاستخبارات واجراءات الامن وخمسة الاف شرطي اضافي . دون اية مراجعة للاسباب ومعالجتها.
هل يذكر لوران فابيوس، وزير الخارجية تصريحه للاعلام ايضا في 13 كانون الاول 2012: « ميدانيا، تقوم جبهة النصرة بعمل جيد » اي عمل بشع قام به الارهاب في الميدان الفرنسي !
هل كان للضيف الذي يحمل اسم محمود ان يذكر المشاهدين بما كتبه جان بيير شفينمان عام 1991 في كتابه » فكرة معينة عن الجمهورية قادتني الى… » من ان كسر العراق سيؤدي الى تنامي الكراهية ، وتنامي المجموعات الاصولية الارهابية، على الضفة الشرقية للمتوسط فيما لن يتاخر عن العبور الى الضفة الغربية منه؟
هل كان له ان يذكر بما كتبه دومينيك دو فيللوبان قبل وبعد ان يصبح رئيسا للوزراء عن مسالة الحوار بين الضفتيين وعن شطط السياسة الفرنسية ازاء العرب ( او ما تسميه الديغولية السياسة العربية) ؟
خاصة وان دوفيللوبان عاد بالامس، وبوفاء ديغولي، ليصرح بانّه على فرنسا ان تستعيد دوراً متوازناً، خاصة في الشأن السوري، بغية تكريس ظروف الحل السياسي في سوريا. دون ان ينسى التذكير بشطط السياسة الفرنسية منذ أفغانستان، العراق، ليبيا، وغيرها، بحسب قوله الذي مضى حد الدعوة الى الحوار مع نظام الرئيس الاسد.
الرجلان الرؤيويان قياديين ( وزير دفاع ومرشح للرئاسة – وزير خارجية ورئيس وزراء) لكنهما ليسا الوحيدين في موقفهما . الدوائر السياسية والاعلامية عكست لنا على مدى اسبوع تجرؤا غير عادي على انتقاد السياسات الخارجية للرئيس والحكومة، واعترفت بميركانتيليتها، وقصر نظرها، بل ومضت، تكرارا، في سابقة غير مالوفة على تسمية دول بالاسم وادانة التحالف معها لاسباب مالية بحتة. ارتفع الصوت النقدي وارتفعت الاصوات التي لا يتسع لهال مقال للحديث عن استهداف الصيغة التعددية لفرنسا، واستهداف القيم الفرنسية، فيما ذكّرنا بحديث بوش والاوساط الاميركية غداة 11 سبتمبر.
يذكرنا بهذا الحدث التاريخي ايضا التعديلات القانونية التي انما تشبه (الباتريوت اكت) الذي اقر في الولايات المتحدة حينها.
لتبقى الاسئلة :
اذا كان لهذا التيار المعتدل وجود قوي في فرنسا واوروبا رايناه بعد العملية الارهابية ، كما رايناه عام 2003 بشان الحرب على العراق، فلماذا لا يستطيع ان يكون فعّالا ؟ وهل تكفي دماء 13 نوفمبر لتفسح له المجال ؟ مجال الكلام ام القرار؟ القرار الذي يظل محكوما باللوبيهات الداخلية، خاصة المالية واليهودية والارتباطات الخارجية المالية والعسكرية الاطلسية؟ وهل سيحول مجرى اثار هذه الهزّة لخدمة هذه اللوبيهات؟
من الذي له مصلحة في اضعاف اوروبا بهذا القدر المذهل ؟ وهل يكفي ان يسترجع فالس جذوره الاسبانية ليدافع عن تشينغن؟
من الذي له مصلحة في تراجع الحريات والديمقراطية بهذا التطاول القانوني؟ وهل يكفي ان يبالغ رئيس الوزراء في شكر المجلس الذي وافق على قانون الطوارىء؟
هل يعترف الغرب عمليا بانه اذا تعارض الامن مع الحريات، دفعت الثانية الثمن؟ ام ان الثمن هو المقصود من التعارض ؟
لقد فصّل بنيامين نتنياهو في كتابه » استئصال الارهاب »، عام 1993 كيف استعملت الستراتيجية الاسرائيلية قضية الارهاب لاقناع الولايات المتحدة بالتضييق على الحريات.وتفاخر بانه وموشيه ارينز كانا عرابا ذلك السعي. كما فصّل في الكتاب نفسه ضرورة القضاء على الدولة في العراق وليبيا وسوريا وحشر المقاومة الفلسطينية فيما اسماه جيب غزة.
اليوم تصرخ اسرائيل برفع قضية على المجموعة الاوروبية لانها تحظر بضائع المستوطنات، علما بان قانون الحظر هذا سار منذ ما قبل « الربيع العربي ». وغدا سيجعل اعلام اسرائيل من كل عمل مقاومة في الارض المحتلة شبيها لعمليات باريس.
ثم ما قصة الجوازات المستعصية على الحرائق والانفجارات، من منهاتن الى شارلي ابدو الى 13 نوفمبر؟ ما قصة الفيلم الوثائقي الذي بثه التلفزيون الفرنسي مساء الخميس، عن الملتحقين بداعش في سوريا والعراق، وقال ان تحضيره استغرق تسعة اشهر ؟
اخيرا، اذا كانت كل التحولات تقود الى موقف اجماعي ضد داعش اشبه بالصراخ الخارق لجدار الصوت الذي سمعناه قبل افغانستان. فهل داعش هي القوة الارهابية الوحيدة؟ بل وماذا بعد داعش؟
———————————————————
*الكتب الثلاثة المذكورة لكل من جان بيير شفينمان، دومينيك دو فيللوبان وببنيامين نتنياهو ، ترجمتها الكاتبة في حينها الى العربية.
https://tunisitri.wordpress.com/2015/10/03/hayet-hwik-attia-la-guerre-du-monde/
https://tunisitri.wordpress.com/tag/hayet-attia/
et il y en a d’autres ……..
Incroyable mais vrai :
https://resistance71.wordpress.com/2015/11/23/les-dessous-du-financement-du-terrorisme-la-fondation-aga-khan/